البكتريا هى كائن وحيد الخليه دقيقه الحجم جداً أبعادها تقاس بالميكرومتر وهى تعيش فى أى مكان مهما تباينت الظروف من حرارة ورطوبه وضوء وهواء
بدأت قصه إكتشاف البكتريا عام 1673 عندما تمكن العالم الهولندى ( ليفنهوك ) من إختراع أول ميكروسكوب ضوئى... وعندما وضع قطرة من الماء على شريحه زجاجيه ونظر إليها عبر عدسه الميكروسكوب أصابه الذهول!! هناك عشرات... مئات... بل آلاف الكائنات الحيه الصغيرة تتحرك هنا وهناك وتتكاثر بسرعه لا تصدق!! أشكالها متنوعه ، منها الكرات والعصيات وغيرها... وفى مزيج من الحماس والرهبه ، أخذ العالم الهولندى الكبير ينظر عبر الميكروسكوب على كل شىء يقه تحت يديه ، وتوصل إلى الحقيقه المؤكده: أن ثمه أعداد هائله من هذه الكائنات الحيه – البكتريا – توجد فى كل مكان حولنا حتى توشك على إحتلال كل شبر فى كوكب الأرض!! فى المياه... على الطعام... على سطح التربه... فى باطن الأرض... أعماق المحيط... بل أنه تم إكتشاف أن جسم الإنسان نفسه تعيش عليه أعداد من البكتريا تصل إلى عشرات الملايين بما يفوق عدد خلايا الجسم البشرى نفسه!!
والسؤال هنا:
هل البكتريا كائن عدو أم صديق؟
الحقيقه أن البكتريا تلعب كلا الدورين معاً ، بعض أنواع البكتريا نافعه وبعضها ضارة. أمراض قاتله تسببها البكتريا الضارة ، ليس أخطرها التيتانوس والزهرى والتيفود ، وأمراض أخرى بسيطه نعانى منها جميعنا من حين لآخر مثل الخراريج وإلتهابات الجهاز البولى والتنفسى.
على الجانب الآخر فإن البكتريا تقوم بدور إيجابى كبير فى حمايه الإنسان من مخاطر عديده ، السبب هو هذا العدد الهائل من البكتريا النافعه التى تعيش فى كل ملليمتر من جسم الإنسان الذى يعمل على إستفزاز الجهاز المناعى للإنسان وجعله فى حاله تأهب مستمرة لمقاومه الفيروسات والميكروبات الضارة التى تهاجم الإنسان من حين لآخر.
وفى الأعوام الأخيرة من القرن الماضى إكتشف العلماء أن البكتريا يمكن أن تقوم بدور خطير جداً فى تصنيع وتخليق مركبات حيويه بالغه الأهميه ، بطريقه ما ويمكن أن نقوم بزرع " جين " خاص بإنتاج بروتين معين – كالإنسولين مثلاً – فى الشريط الوراثى الخاص بتصنيع بروتينات البكتريا. المدهش أن البكتريا تستجيب وتبدأ فى إنتاج البروتين المطلوب ، ومن هنا نشأ علم الهندسه الوراثيه وتعديل " الجينات " ، وظهر دور جديد للبكتريا كمصانع حيويه تقوم بإنتاج المواد العضويه والأدويه والأنزيمات والهرمونات البشريه والإنسولين وهرمون النمو وهرمونات الإستروجين والبروجيسترون اللذان يستخدمان فى أقراص منع الحمل... كل هذه المواد تنتج عبر تقنيات معقده من الهندسه الوراثيه والتى تلعب فيها البكتريا دور البطل كما قلنا.
حتى المضادات الحيويه التى تستخدم فى القضاء على الأنواع الضارة من البكتريا فإننا نقوم بإنتاجها عن طريق أنواع أخرى من البكتريا ، ومن هنا أتت لفظه مضاد حيوى Antibiotic والتى تعنى: ( ضد الحياه ) ، ومعناها أنها ماده تستخلص من كائن حى وتقوم بقتل كائن حى آخر.
وتنوع وإختلاف المضادات الحيويه أتى بسبب قدرة البكتريا على المراوغه ومقاومه مضاد حيوى معين ، فإضطر العلماء لتصنيع مضاد جديد للقضاء على البكتريا ، ومع الوقت تتمكن البكتريا من مقاومه هذا المضاد الجديد فنقوم بالبحث عن مضاد ثالث وهكذا...
وبهذا يمكن أن نقول أن المضاد الحيوى القوى واسع المجال هو الذى يمكنه القضاء على أنواع عديده من البكتريا الضارة دون أن تستطيع مقاومته ، بينما المضاد الحيوى الأضعف نسبياً هو الذى تتمكن البكتريا من مقاومته بسهوله أكثر وإبطال مفعوله.
ومن الضرورى جداً ألا يتم إستعمال أى مضاد حيوى دون إستشارة طبيه لأن الإفراط فى إستخدام المضاد الحيوى من شأنه أن يضعف من مناعه الجسم ، لأن المضاد يقوم بالقضاد على البكتريا النافعه والتى – كما قلنا – تقوم بدور دفاعى هام ضد الأمراض.
النقطه الهامه الثانيه: أنه فى حاله إذا وصف لك الطبيب أى مضاد حيوى ، فمن الضرورى أن تقوم بإستكمال " كورس " Course العلاج بالكامل ، والإلتزام بالمده التى حددها لك الطبيب حتى وإن بدأت أعراض التحسن قبل المده المحدده ، لأن قطع كورس العلاج قد يؤدى إلى زياده قدرة البكتريا على مقاومه هذا النوع من المضاد الحيوى ، فإذا حدث – لا قدر الله – إنتكاسه فى الأعراض المرضيه ، عندها لن يستطيع المضاد الحيوى أن يقوم بدورة لينقذك من هجمه البكتريا الضارة.
رضائكم هو هدفى وزيارتكم تشرفنى
تم تنسيق الموضوع بواسطة نبيل الدم
:02*: